فصل: لَا جَرَمَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)



.اللَّامُ:

اللَّامُ: أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: جَارَّةٌ، وَنَاصِبَةٌ، وَجَازِمَةٌ، وَمُهْمَلَةٌ غَيْرُ عَامِلَةٍ.
فَالْجَارَّةُ: مَكْسُورَةٌ مَعَ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ بَعْضِهِمْ: {الْحَمْدُ لُلَّهِ} فَالضَّمَّةُ عَارِضَةٌ لِلْإِتْبَاعِ، مَفْتُوحَةٌ مَعَ الضَّمِيرِ إِلَّا الْيَاءَ. وَلَهَا مَعَانٍ:
الِاسْتِحْقَاقُ: وَهِيَ الْوَاقِعَةُ بَيْنَ مَعْنًى وَذَاتٍ، نَحْوَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}. {لِلَّهِ الْأَمْرُ} [الرُّوم: 4]. {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [الْمُطَفِّفِينَ: 1]. {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} [الْبَقَرَة: 114].
وَالِاخْتِصَاصُ: نَحْوَ: {إِنَّ لَهُ أَبًا} [يُوسُفَ: 78]. {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النِّسَاء: 11].
وَالْمِلْكُ: نَحْوَ: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الْبَقَرَة: 255].
وَالتَّعْلِيلُ: نَحْوَ: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [الْعَادِيَات: 8]. أَيْ: وَإِنَّهُ مِنْ أَجْلِ حُبِّ الْمَالِ لَبَخِيلٌ. {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لِمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 81] فِي قِرَاءَةِ حَمْزَةَ، أَيْ: لِأَجْلِ إِيتَائِي إِيَّاكُمْ بَعْضَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ، ثُمَّ لِمَجِيءِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ} [آلِ عِمْرَانَ: 81] فَـ: (مَا) مَصْدَرِيَّةٌ وَاللَّامُ تَعْلِيلِيَّةٌ –وَقَوْلُهُ {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قُرَيْشٍ: 1]- وَتَعَلُّقُهَا بـ: {فَلْيَعْبُدُوا} وَقِيلَ: بِمَا قَبْلَهُ، أَيْ: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [الْفِيل: 5، وَقُرَيْشٍ: 1] وَرُجِّحَ بِأَنَّهُمَا فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَمُوَافَقَةُ: (إِلَى): نَحْوَ: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزَّلْزَلَة: 5] {كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} [الرَّعْد: 2].
وَ(عَلَى) نَحْوَ: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} [الْإِسْرَاء: 109]. {دَعَانَا لِجَنْبِهِ} [يُونُسَ: 12] {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصَّافَّات: 103]. {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الْإِسْرَاء: 7]. {لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرَّعْد: 25] أَيْ: عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَ(فِي) نَحْوَ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الْأَنْبِيَاء: 47]. {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الْأَعْرَاف: 187]. {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الْفَجْر: 24]. أَيْ: فِي حَيَاتِي. وَقِيلَ: هِيَ فِيهَا لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ: لِأَجْلِ حَيَاتِي فِي الْآخِرَةِ.
وَ(عِنْدَ): كَقِرَاءَةِ الْجَحْدَرِيِّ {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لِمَا جَاءَهُمْ} [ق: 5].
وَ(بَعْدَ): نَحْوَ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوِكِ الشَّمْسِ} [الْإِسْرَاء: 78].
وَ(عَنْ): نَحْوَ: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الْأَحْقَاف: 11] أَيْ: عَنْهُمْ وَفِي حَقِّهِمْ. لَا أَنَّهُمْ خَاطَبُوا بِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِلَّا لَقِيلَ: (مَا سَبَقْتُمُونَا).
وَالتَّبْلِيغُ: وَهِيَ الْجَارَّةُ لِاسْمِ السَّامِعِ لِقَوْلٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْإِذْنِ.
وَالصَّيْرُورَةُ: وَتُسَمَّى لَامَ الْعَاقِبَةِ، نَحْوَ: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [الْقَصَص: 8] فَهَذَا عَاقِبَةُ الْتِقَاطِهِمْ لَا عِلَّتُهُ؛ إِذْ هِيَ التَّبَنِّي. وَمَنَعَ قَوْمٌ ذَلِكَ وَقَالُوا: هِيَ لِلتَّعْلِيلِ مَجَازًا؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ عَدُوًّا لَمَّا كَانَ نَاشِئًا عَنِ الِالْتِقَاطِ- وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضًا لَهُمْ- نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْغَرَضِ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ.
وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ: الَّذِي عِنْدِي أَنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ حَقِيقَةً، وَأَنَّهُمُ الْتَقَطُوهُ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا؛ وَذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ (لِمَخَافَةِ أَنْ يَكُونَ) كَقَوْلِه: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النِّسَاء: 176] أَيْ: كَرَاهَةَ أَنْ تَضِلُّوا. انْتَهَى.
وَالتَّأْكِيدُ: وَهِيَ الزَّائِدَةُ، أَوِ الْمُقَوِّيَةُ لِلْعَامِلِ الضَّعِيفِ لِفَرْعِيَّةٍ أَوْ تَأْخِيرٍ، نَحْوَ: {رَدِفَ لَكُمْ} [النَّمْل: 72]. {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النِّسَاء: 26]، {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ} [الْأَنْعَام: 71] {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هُودٍ: 107]. {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يُوسُفَ: 43]. {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} [الْأَنْبِيَاء: 78].
وَالتَّبْيِينُ لِلْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُول: نَحْوَ: {فَتَعْسًا لَهُمْ} [مُحَمَّدٍ: 8]. {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 36]. {هَيْتَ لَكَ} [يُوسُفَ: 23].
وَالنَّاصِبَةُ: هِيَ لَامُ التَّعْلِيلِ. وَادَّعَى الْكُوفِيُّونَ النَّصْبَ بِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: بِأَنْ مَقْدَّرَةٍ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِاللَّامِ.
وَالْجَازِمَةُ: وَهِيَ لَامُ الطَّلَبِ، وَحَرَكَتُهَا الْكَسْرُ، وَسُلَيْمٌ تَفْتَحُهَا، وَإِسْكَانُهَا بَعْدَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ أَكْثَرُ مِنْ تَحْرِيكِهَا، نَحْوَ: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} [الْبَقَرَة: 186]. وَقَدْ تُسَكَّنُ بَعْدَ ثُمَّ، نَحْوَ: {ثُمَّ لْيَقْضُوا} [الْحَجّ: 29]. وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّلَبُ أَمْرًا، نَحْوَ: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ} [الطَّلَاق: 7] أَوْ دُعَاءً، نَحْوَ: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزُّخْرُف: 77].
وَكَذَا لَوْ خَرَجَتْ إِلَى الْخَبَرِ، نَحْوَ: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ} [مَرْيَمَ: 75]. {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [الْعَنْكَبُوت: 12].
أَوِ التَّهْدِيدِ،: نَحْوَ: {وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الْكَهْف: 29].
وَجَزْمُهَا فِعْلَ الْغَائِبِ كَثِيرٌ، نَحْوَ: {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النِّسَاء: 102]. وَفِعْلَ الْمُخَاطَبِ قَلِيلٌ، وَمِنْهُ {فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا} [يُونُسَ: 58]. فِي قِرَاءَةِ التَّاءِ، وَفِعْلَ الْمُتَكَلِّمِ أَقَلُّ، وَمِنْهُ {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [الْعَنْكَبُوت: 12].
وَغَيْرُ الْعَامِلَةِ أَرْبَعٌ:
لَامُ الِابْتِدَاء: وَفَائِدَتُهَا أَمْرَان: تَوْكِيدُ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ؛ وَلِهَذَا زَحْلَقُوهَا فِي بَابِ (إِنَّ) عَنْ صَدْرِ الْجُمْلَةِ، كَرَاهَةَ تَوَالِي مُؤَكِّدَيْنِ. وَتَخْلِيصَ الْمُضَارِعِ لِلْحَالِ.
وَتَدْخُلُ فِي الْمُبْتَدَإِ، نَحْوَ: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً} [الْحَشْر: 13].
وَفِي خَبَرِ (إِنَّ) نَحْوَ: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إِبْرَاهِيمَ: 39]. {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} [النَّحْل: 124]. {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [الْقَلَم: 4].
وَاسْمِهَا الْمُؤَخَّرِ، نَحْوَ: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ} [اللَّيْل: 12- 13].
وَاللَّامُ الزَّائِدَةُ فِي خَبَرِ (أَنَّ) الْمَفْتُوحَة: كَقِرَاءَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ {إِلَّا أَنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الْفَرْقَان: 20]. وَفِي الْمَفْعُولِ، كَقَوْلِهِ {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} [الْحَجّ: 13].
وَلَامُ الْجَوَابِ لِلْقَسَم: أَوْ (لَوْ) أَوْ (لَوْلَا) نَحْوَ: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ} [يُوسُفَ: 91]، {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الْأَنْبِيَاء: 57]. {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا} [الْفَتْح: 25]. {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [الْبَقَرَة: 251].
وَاللَّامُ الْمُوَطِّئَةُ: وَتُسَمَّى الْمُؤْذِنَةُ، وَهِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى أَدَاةِ شَرْطٍ، لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ الْجَوَابَ بَعْدَهَا مَعَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَسَمٍ مُقَدَّرٍ، نَحْوَ: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ} [الْحَشْر: 12]. وَخُرِّجَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} [آلِ عِمْرَانَ: 81].

.لَا:

لَا: عَلَى أَوْجُهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ نَافِيَةً، وَهِيَ أَنْوَاعٌ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَعْمَلَ عَمَلَ (إِنَّ) وَذَلِكَ إِذَا أُرِيدَ بِهَا نَفْيُ الْجِنْسِ عَلَى سَبِيلِ التَّنْصِيصِ، وَتُسَمَّى حِينَئِذٍ: تَبْرِئَةً، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ نَصْبُهَا إِذَا كَانَ اسْمُهَا مُضَافًا أَوْ شِبْهَهُ، وَإِلَّا فَيُرَكَّبُ مَعَهَا، نَحْوَ: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [الْبَقَرَة: 255]. {لَا رَيْبَ فِيهِ} [الْبَقَرَة: 2] فَإِنْ تَكَرَّرَتْ جَازَ التَّرْكِيبُ وَالرَّفْعُ، نَحْوَ: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ} [الْبَقَرَة: 197] {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} [الْبَقَرَة: 254]. {لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} [الطُّور: 23].
ثَانِيهَا: أَنْ تَعْمَلَ عَمَلَ لَيْسَ نَحْوَ: {وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يُونُسَ: 61].
ثَالِثُهَا وَرَابِعُهَا: أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً أَوْ جَوَابِيَّةً، وَلَمْ يَقَعَا فِي الْقُرْآنِ.
خَامِسُهَا: أَنْ تَكُونَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ فَإِنْ كَانَ مَا بَعْدَهَا جُمْلَةً اسْمِيَّةً صَدْرُهَا مَعْرِفَةٌ أَوْ نَكِرَةٌ وَلَمْ تَعْمَلْ فِيهَا، أَوْ فِعْلًا مَاضِيًا، لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا، وَجَبَ تَكْرَارُهَا، نَحْوَ: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: 40] {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصَّافَّات: 47] {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} [الْقِيَامَة: 31]. أَوْ مُضَارِعًا، لَمْ يَجِبْ، نَحْوَ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ} [النِّسَاء: 148] {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الشُّورَى: 23].
وَتَعْتَرِضُ (لَا) هَذِهِ بَيْنَ النَّاصِبِ وَالْمَنْصُوبِ، نَحْوَ: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ} [النِّسَاء: 165] وَالْجَازِمِ وَالْمَجْزُومِ، نَحْوَ: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ} [الْأَنْفَال: 73].
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ لِطَلَبِ التَّرْكِ، فَتَخْتَصُّ بِالْمُضَارِعِ، وَتَقْتَضِي جَزْمَهُ وَاسْتِقْبَالَهُ، سَوَاءٌ كَانَ نَهْيًا، نَحْوَ: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي} [الْمُمْتَحِنَة: 1] {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 28] {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [الْبَقَرَة: 237]، أَوْ دُعَاءً، نَحْوَ: {لَا تُؤَاخِذْنَا} [الْبَقَرَة: 286].
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: التَّأْكِيدُ، وَهِيَ الزَّائِدَةُ، نَحْوَ: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الْأَعْرَاف: 12] {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ} [طه: 92- 93] {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الْحَدِيد: 29] أَيْ: لِيَعْلَمُوا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: (لَا) هُنَا مُؤَكِّدَةٌ، قَائِمَةٌ مَقَامَ إِعَادَةِ الْجُمْلَةِ مَرَّةً أُخْرَى.
وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِه: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الْقِيَامَة: 1].
فَقِيلَ: زَائِدَةٌ، وَفَائِدَتُهَا مَعَ التَّوْكِيدِ التَّمْهِيدُ لِنَفْيِ الْجَوَابِ، وَالتَّقْدِيرُ: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يُتْرَكُونَ سُدًى}. وَمِثْلُهُ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} [النِّسَاء: 65] وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ {لَأُقْسِمُ}.
وَقِيلَ: نَافِيَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِنْكَارِ الْبَعْثِ، فَقِيلَ: لَهُمْ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، ثُمَّ اسْتُؤْنِفَ الْقَسَمُ.
قَالُوا: وَإِنَّمَا صَحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلِهَذَا يُذْكَرُ الشَّيْءُ فِي سُورَةٍ وَجَوَابُهُ فِي سُورَةٍ، نَحْوَ: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الْحِجْر: 6]. {وَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [الْقَلَم: 2].
وَقِيلَ: مَنْفِيُّهَا أُقْسِمُ، عَلَى أَنَّهُ إِخْبَارٌ لَا إِنْشَاءٌ، وَاخْتَارَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ قَالَ: وَالْمَعْنَى نَفْيُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُقْسِمُ بِالشَّيْءِ إِلَّا إِعْظَامًا لَهُ؛ بِدَلِيل: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الْوَاقِعَة: 75- 76]، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ إِعْظَامَهُ بِالْإِقْسَامِ بِهِ كَلَا إِعْظَامٍ، أَيْ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ إِعْظَامًا فَوْقَ ذَلِكَ.
وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا} [الْأَنْعَام: 151].
فَقِيلَ: لَا نَافِيَةٌ.
وَقِيلَ: نَاهِيَةٌ.
وَقِيلَ: زَائِدَةٌ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [الْأَنْبِيَاء: 95].
فَقِيلَ: زَائِدَةٌ.
وَقِيلَ: نَافِيَةٌ، وَالْمَعْنَى: يَمْتَنِعُ عَدَمُ رُجُوعِهِمْ إِلَى الْآخِرَةِ.
تَنْبِيهٌ:
تَرِدُ (لَا) اسْمًا بِمَعْنَى غَيْرٍ، فَيَظْهَرُ إِعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا، نَحْوَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الْفَاتِحَة: 7]. {لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الْوَاقِعَة: 33]. {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} [الْبَقَرَة: 68].
فَائِدَةٌ:
قَدْ تُحْذَفُ أَلِفُهَا، وَخَرَّجَ عَلَيْهِ ابْنُ جِنِّي: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَتُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}.

.لَاتَ:

لَاتَ مَعْنَاهَا: اخْتُلِفَ فِيهَا:
فَقَالَ قَوْمٌ: فِعْلٌ مَاضٍ بِمَعْنَى نَقْصٍ.
وَقِيلَ: أَصْلُهَا لَيْسَ، تَحَرَّكَتِ الْيَاءُ فَقُلِبَتْ أَلِفًا، لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، وَأُبْدِلَتِ السِّينُ تَاءً.
وَقِيلَ: هِيَ كَلِمَتَانِ (لَا) النَّافِيَةُ زِيدَتْ عَلَيْهَا (التَّاءُ) لِتَأْنِيثِ الْكَلِمَةِ، وَحُرِّكَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
وَقِيلَ: هِيَ (لَا) النَّافِيَةُ وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ فِي أَوَّلِ الْحِينِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَنَّهُ وَجَدَهَا فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ مُخْتَلِطَةً بِحِينٍ فِي الْخَطِّ.
وَاخْتُلِفَ فِي عَمَلِهَا لَاتَ:
فَقَالَ الْأَخْفَشُ: لَا تَعْمَلُ شَيْئًا، فَإِنْ تَلَاهَا مَرْفُوعٌ فَمُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، أَوْ مَنْصُوبٌ فَبِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] بِالرَّفْعِ، أَيْ: كَائِنٌ لَهُمْ. وَبِالنَّصْبِ، أَيْ: لَا أَرَى حِينَ مَنَاصٍ.
وَقِيلَ: تَعْمَلُ عَمَلَ (إِنَّ).
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: تَعْمَلُ عَمَلَ لَيْسَ، وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ لَا يُذْكَرُ بَعْدَهَا إِلَّا أَحَدُ الْمَعْمُولَيْنِ، وَلَا تَعْمَلُ إِلَّا فِي لَفْظِ الْحِينِ، قِيلَ: أَوْ مَا رَادَفَهُ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ حَرْفَ جَرٍّ لِأَسْمَاءِ الزَّمَانِ خَاصَّةً، وَخَرَّجَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ {وَلَاتَ حِينِ} بِالْجَرِّ.

.لَا جَرَمَ:

لَا جَرَمَ مَعْنَاهَا: وَرَدَتْ فِي الْقُرْآنِ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ مَتْلُوَّةٍ بِأَنْ وَاسْمِهَا، وَلَمْ يَجِئْ بَعْدَهَا فِعْلٌ.
وَاخْتُلِفَ فِيهَا: فَقِيلَ: (لَا) نَافِيَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَ(جَرَمَ) فِعْلٌ مَعْنَاهُ حَقَّ، وَ(أَنَّ) مَعَ مَا فِي حَيِّزِهِ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ.
وَقِيلَ: زَائِدَةٌ، وَجَرَمَ مَعْنَاهُ كَسَبَ، أَيْ: كَسَبَ لَهُمْ عَمَلُهُمُ النَّدَامَةَ، وَمَا فِي حَيِّزِهَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ.
وَقِيلَ: هُمَا كَلِمَتَانِ رُكِّبَتَا، وَصَارَ مَعْنَاهُمَا حَقًّا.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُمَا لَا بُدَّ، وَمَا بَعْدَهَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ.

.لَكِنَّ:

لَكِنَّ مَعْنَاهَا: مُشَدَّدَةُ النُّون: حَرْفٌ يَنْصِبُ الِاسْمَ وَيَرْفَعُ الْخَبَرَ، وَمَعْنَاهُ الِاسْتِدْرَاكُ. وَفُسِّرَ: بِأَنْ تَنْسُبَ لِمَا بَعْدَهَا حُكْمًا مُخَالِفًا لِحُكْمِ مَا قَبْلَهَا، وَلِذَلِكَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا كَلَامٌ مُخَالِفٌ لِمَا بَعْدَهَا أَوْ مُنَاقِضٌ لَهُ، نَحْوَ: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [الْبَقَرَة: 102].
وَقَدْ تَرِدُ لِلتَّوْكِيدِ مُجَرَّدًا عَنِ الِاسْتِدْرَاكِ، قَالَهُ صَاحِبُ الْبَسِيطِ. وَفُسِّرَ الِاسْتِدْرَاكُ بِرَفْعِ مَا تُوُهِّمَ ثُبُوتُهُ، نَحْوَ: مَا زَيْدٌ شُجَاعًا لَكِنَّهُ كَرِيمٌ؛ لِأَنَّ الشَّجَاعَةَ وَالْكَرَمَ لَا يَكَادَانِ يَفْتَرِقَانِ. فَنَفْيُ أَحَدِهِمَا يُوهِمُ نَفْيَ الْآخَرِ.
وَمِثْلُ التَّوْكِيدِ، بِنَحْو: لَوْ جَاءَنِي أَكْرَمْتُهُ، لَكِنَّهُ لَمْ يَجِئْ: فَأَكَّدَتْ مَا أَفَادَتْهُ (لَوْ) مِنَ الِامْتِنَاعِ.
وَاخْتَارَ ابْنُ عُصْفُورٍ أَنَّهَا لَهُمَا مَعًا؛ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَمَا أَنَّ كَأَنَّ لِلتَّشْبِيهِ الْمُؤَكَّدِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ (لَكِنْ أَنَّ) فَطُرِحَتِ الْهَمْزَةُ لِلتَّخْفِيفِ وَنُوِّنَ (لَكِنْ) لِلسَّاكِنَيْنِ.

.لَكِنْ:

لَكِنْ: مُخَفَّفَةٌ، ضَرْبَان:
أَحَدُهُمَا: مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَهِيَ حَرْفُ ابْتِدَاءٍ لَا يَعْمَلُ، بَلْ لِمُجَرَّدِ إِفَادَةِ الِاسْتِدْرَاكِ. وَلَيْسَتْ عَاطِفَةً، لِاقْتِرَانِهَا بِالْعَاطِفِ فِي قَوْلِه: {وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزُّخْرُف: 76].
وَالثَّانِي: عَاطِفَةٌ إِذَا تَلَاهَا مُفْرَدٌ، وَهِيَ أَيْضًا لِلِاسْتِدْرَاكِ، نَحْوَ: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا} [النِّسَاء: 166] {لَكِنِ الرَّسُولُ} [التَّوْبَة: 88] {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 198].

.لَدَى وَلَدُنْ:

لَدَى وَلَدُنْ مَعْنَاهُمَا: تَقَدَّمَتَا فِي عِنْدَ.